السبت، مايو 12، 2012

أخلاقية أم سياسية


أختلف كثيرا مع من يقول
أن ما يحدث في الكويت الان هو خلاف سياسي
فالخلاف السياسي أعتبره مرحلة متقدمة
من مراحل الحياة السياسية
في الدول الديمقراطية المتقدمة
لم نصل اليها حتي الان

الخلاف السياسي يأتي بعد أن تكتمل نشأة
المؤسسة السياسية و تنضج ممارستها
و يكون ذلك  بعد الاتفاق على مسلمات
تكون هي الاساس لبناء الديمقراطية
هذه المسلمات هي العدالة - سيادة القانون
فصل السلطات - مكافحة الفساد
الحفاظ على حقوق الانسان و خصوصا الاقليات
و الدفاع عن الحريات المكتسبة
هذه الاساسيات نجد الجميع في الدول المتقدمة
مسلم بها و متفق عليها
لا نجد من يناقشها او يجادل فيها
و لكن من أين ينشأ الخلاف السياسي عندهم
عادة ما ينشأ بسبب خلافهم على آلية معينة في التطبيق و الادارة
أو بسبب توجه فكري اجتماعي يؤثر على التشريع
مثال الليبراليين و المحافظين
لكن مهما اختلفت هذه الجماعات و الفئات
تبقى مسلماتهم واحدة
المصلحة العامة غايتهم
العدالة و المساواة هدفهم
سيادة القانون وسيلتهم
و بذلك و مهما اختلفوا
فلن تجد من يطعن الاخر بوطنيته
لأنهم جميعا متمسكون بنفس الاساسيات
****
ماذا عن الكويت ؟
هل نستطيع القول أن
المصلحة العامة غاية  ؟
أم المصلحة الفئوية أهم؟
هل العدالة و المساواة هدف ؟
أم أن المسطرة لدينا عوجاء ؟
هل سيادة القانون واقع ؟
أم أنه حلم ننتظره أن يتحقق ؟
 عندما تغيب هذه المسلمات و الاساسيات
إذا نحن لسنا في مرحلة خلاف سياسي
بل  نحن نعيش مرحلة بدائية جدا 
أرجعتنا لمرحلة تكوين المجتمع
حيث نحن في حاجة  لأن نتفق من جديد على تعريف
للأخلاقيات و القوانين و الأعراف و التقاليد

عندما نجد أنفسنا نتناقش و نجادل حول ما هو صح أو خطأ 
فهذا يعني أننا نعيش أزمة اضطراب أخلاقي
عندما نجد من يبرر و يصفق 
للجريمة او الاعتداء او الشتيمة
عندما نجد من ينتقد و من يُنقد
جميعهم ليسوا أكفاء للاصلاح
و هم أصلا في حاجة الى اصلاح
نعلم حينها أننا أمام أزمة أخلاقية
اذا مشكلتنا مشكلة ثقافية اخلاقية اجتماعية
قبل أن تكون سياسية
****
ما الحل ؟
أحد الحلول المهمة
يجب أن نستغل هذه الازمات التي نمر بها
لنقد أنفسنا اولا
و محاولة تشخيص مواضع الخلل فينا
ثم التعرف على دورنا و مشاركتنا في هذا التدهور الاخلاقي
هنا فقط نستطيع أن نتغير
هنا فقط نستطيع أن نساهم في تطوير ذاتنا اولا
و من ثم مجتمعنا
فمن السهل توزيع التهم و النقد و اللوم على الاخرين
و من السهل أن نسقط اسباب الفشل و التخلف على الغير
خصوصا ان كنا نعيش حالة من النرجسية
نرى فيها انفسنا الافضل و نرى الاخرين كلهم عيوب
لكن هذا الطريق السهل سيؤدي بنا 
لمزيد من العداوات و التفرقة و الفتنة
و بالتأكيد لن يوصلنا لبر الأمان


 لذا علينا ألا ننسى
أن الكويت ليست ٥٠ نائبا فقط
بل الكويت أكثر من ٥٠٠ الف ناخب
أوصلوا هؤلاء ليمثلوهم
و هم فعلا يمثلوهم و يمثلون مصالحهم
و يمثلون ثقافتهم و أخلاقهم و أولوياتهم
و مهما بدى من بعض النواب من اسفاف و انحطاط أو فساد
سنجد من الشعب من يقول: زين سوى .. عفيه عليه
لذا مشكلتنا ليست في تبديل هؤلاء الخمسين نائب
بل مشكلتنا في تغيير عقلية و ثقافة  الناخبين
و هذا هو الطريق الصعب

و الكويت
تستحق منا الأفضل

شكرا